الأربعون النووية -
الجزء الخامس
كتبهامحمود مرسي ، في 28 يونيو 2007 الساعة: 16:36 م
الأربعــون النووية
الجزء الخامس
…..
الحديث الخامس
عشر - من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو
ليصمت..
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال:
من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت، ومن
كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم
ضيفه. (رواه البخاري ومسلم) .
شرح وفوائد
الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم : (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر
فليقل خيراً أو ليصمت )) قال الشافعي رحمه الله تعالى : معنى الحديث : إذا أراد أن
يتكلم فليفكر ، فإن ظهر أنه لا ضرر عليه تكلم ، وإن ظهر أن فيه ضرر أو شك فيه
أمسك. وقال الإمام الجليل أبو محمد ابن أبي زيد إمام المالكية بالمغرب في زمنه :
جميع آداب الخير تتفرع من أربعة أحاديث: قول النبي صلى الله عليه وسلم (( من كان
يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت )). وقوله صلى الله عليه وسلم :((
من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه )) . وقوله صلى الله عليه وسلم : للذي اختصر
له الوصية :(( لا تغضب )). وقوله :(( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ))
.
ونقل عن أبي
القاسم القشيري رحمه الله تعالى أنه قال : السكوت في وقته صفة الرجال ، كما أن
النطق في موضعه من أشرف الخصال . قال : وسمعت أبا علي الدقاق يقول : من سكت عن
الحق فهو شيطان أخرس .وكذا نقله في (( حلية العلماء )) عن غير واحد . وفي (( حلية
الأولياء )) أن الإنسان ينبغي له أن لا يخرج من كلامه إلا ما يحتاج إليه ، كما أنه
لا ينفق من كسبه إلا ما يحتاج إليه وقال : لو كنتم تشترون الكاغد للحفظة لسكتم عن
كثير من الكلام . وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :(( من فقه الرجل قلة كلامه
فيما لا يعنيه )) وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( العافية في عشرة أجزاء
: تسعة منها في الصمت إلاَّ عن ذكر الله تعالى عز وجل )) .ويقال : من سكت فسلم ،
كمن قال فغنم . وقيل لبعضهم: لم لزمت السكوت ؟ قال : لأن لم أندم على السكوت قط ،و
قد ندمت على الكلام مراراً. ومما قيل: جرح اللسان كجرح اليد، وقيل : اللسان كلب
عقور إن خلي عنه عقر .وروي عن على رضي الله عنه .
قوله صلى
الله عليه وسلم : (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن
بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه )) .
قال القاضي
عياض : معنى الحديث : أن من التزم شرائع الإسلام ، لزمه إكرام الضيف والجار . وقد قال
صلى الله عليه وسلم:(( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه )) . وقال
صلى الله عليه وسلم (( من آذى جاره ملكه الله داره )). وقوله تعالى : {والجار ذي
القربي والجار الجنب } [النساء:36] .
الجار يقع على أربعة : الساكن معك في
البيت . قال الشاعر: أجارتنا بالبيت إنك طالق .
ويقع على من
لاصق لبيتك، ويقع على أربعين داراً من كل جانب، ويقع على من يسكن معك في البلد ،
قال الله تعالى : {ثم لا يجاورنك فيها إلا قليلاً } [الأحزاب:6]
فالجار القريب المسلم له ثلاثة حقوق، والجار البعيد المسلم له حقان ، وغير القريب المسلم
له حق واحد .
والضيافة من
آداب الإسلام ،وخلق النبين والصالحين ،و قد أوجبها الليث ليلة واحدة ،واختلفوا :
اهل الضيافة على الحاضر والبادي ، أم على البادي خاصة ؟ فذهب الشافعي ، ومحمد بن
عبد الحكم إلى أنها على الحاضر والبادي .وذهب مالك وسحنون : إلى أنها على أهل
البوادي ، لأن المسافر يجد في الحضر المنازل في الفنادق ومواضع النزول وما يشتري
من الأسواق وقد جاء في حديث ’’ الضيافة على أهل الوبر وليست على أهل المدر ‘‘ .
لكنه حديث موضوع .
…..
…..
الحديث السادس
عشر - .. لا تغضب ..
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً قال للنبي (صلى الله عليه
وسلم) : أوصني، قال: لا تغضب، فردّد
مراراً، قال: لا تغضب. (رواه
البخاري ومسلم) .
شرح وفوائد
الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم (( لا تغضب )) معناه لاتنفذ غضبك ، وليس
النهي راجعاً إلىنفس الغضب ، لأنه من طباع البشر ، ولا يمكن الإنسان دفعه .
وقوله عليه
الصلاة والسلام : (( إياكم والغضب فإنه جمرة تتوقد في فؤاد ابن آدم ، ألم تر إلى
أحدكم إذا غضب كيف تحمر عيناه وتنتفخ أوداجه ، فإذا أحس أحدكم بشيء من ذلك فليضجع
أو ليلصق بالأرض )) .
وجاء رجل
إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله علمني علماً يقربني من الجنة
ويبعدني من النار قال: (( لا تغضب ولك الجنة )). وقال صلى الله عليه وسلم :(( إن
الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار وإنما يطفىء النار الماء فإذا غضب
أحدكم فليتوضأ )) .
وقال أبو ذر
الغفاري : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم :(( إذا غضب أحدكم وهو قائم
فليجلس ،فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضجع )) .
وقال عيسى
عليه الصلاة والسلام ليحي بن زكريا عليه الصلاة والسلام : إني معلمك علماً نافعاً
: لا تغضب . فقال : وكيف لي أن لا أغضب ؟قال إذا قيل لك ما فيك فقل : ذنب ذكرته
أستغفر الله منه ، وإن قيل لك ما ليس فيك فاحمد الله إذ لم يجعل فيك ما عيرت به ،
وهي حسنة سيقت إليك .
وقال عمرو
بن العاص : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يبعدني عن غضب الله تعالى قال
:(( لا تغضب )) .
وقال لقمان
لأبنه : إذا أردت أن تؤاخي أخاً فأغضبه ، فإن أنصفك وهو مغضب ، وإلا فاحذره .
…..
…..
الحديث السابع
عشر - إن الله كتب الإحسان …
عن أبي يعلى شداد بن أوس رضي الله عنه عن رسول الله (صلى الله عليه
وسلم) قال: إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم
فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة؛ وليحدّ أحدكم شفرته وليرح ذبيحته. (رواه مسلم)
.
شرح وفوائد
الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم:(( إن الله كتب الإحسان على كل شيء )) من
جملة الإحسان عند قتل المسلم في القصاص أن يتفقد آلة القصاص ، ولا يقتل بآلة
كالّة،وكذلك يحد الشفرة عند الذبح ،و يريح البهيمة ،و لا يقطع منها شيء حتى تموت
،و لا يحد السكين قبالتها ، وأن يعرض عليها الماء قبل الذبح ، ولا يذبح اللبون ،
ولا ذات الولد ، حتى يستغني عن اللبن.وإن لا يستقصي في الحلب ، ويقلم أظفاره عند
الحلب ، قالوا : ولا يذبح واحدة قدّام أخرى .
…..
…..
الحديث الثامن
عشر - إتق الله حيثما كنت …
عن أبي ذر جندب بن جنادة وأبي عبد الرحمن معاذ بن جبل رضي الله
عنهما عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: اتق الله
حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن. (رواه
الترمذي وقال: حديث حسن، وفي بعض النسخ: حسن صحيح) .
شرح وفوائد
الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم :(( اتق الله حيثما كنت )) أي اتقه في
الخلوة كما تتقيه في الجلوة بحضرة الناس ، واتقه في سائر الأمكنة والأزمنة. مما
يعين على التقوى استحضار أن الله تعالى مطلع على العبد في سائر أحواله ، قال الله
تعالى : {… مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ
رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ
وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا
عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المجادلة:7].
والتقوى كلمة جامعة لفعل الواجبات وترك المنهيات .
وقوله صلى
الله عليه وسلم :(( وأتبع السيئه الحسنة تمحها )) أي إذا فعلت سيئة فاستغفر الله
تعالى منها وافعل بعدها حسنة تمحها .
اعلم : أن
ظاهر هذا الحديث يدل على أن الحسنة لا تمحو إلا سيئة واحدة ، وإن كانت الحسنة بعشر
، وأن التضعيف لا يمحو السيئه ، وليس هذا على ظاهره ، بل الحسنة الواحدة تمحو عشر
سئيات . وقد ورد في الحديث ما يشهد لذلك وهو قوله صلى الله عليه وسلم :
((تُكِّبرون دبر كل الصلاة عشراً وتحمدون عشراً وتُسبِّحون عشراً فذلك مَائة
وخمسون باللسان وألف وخمسائة في الميزان )) .
ثم قال صلى
الله عليه وسلم : (( أيكم يفعل في اليوم الواحد ألفاً وخمسمائة سيئة ))دل على أن
التضعيف يمحو السيئات . وظاهر الحديث : أن الحسنة تمحو السيئة المتعلقة بحق الله
تعالى ، أما السيئة المتعلقة بحق العباد من الغضب والغيبة والنميمة ، فلا يمحوها
إلا الاستحلال من العباد ، ولا بد أن يعين له جهة الظلامة ، فيقول : قلت عليك كيت
وكيت .
وفي الحديث
دليل على أن محاسبة النفس واجبة ، قال صلى الله عليه وسلم :(( حاسبوا أنفسكم قبل
أن تحاسبوا )) . وقال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا
اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } [الحشر:18]
.
قوله صلى
الله عليه وسلم : (( وخالق الناس بخلق حسن )).. اعلم أن الخلق الحسن كلمة جامعة
للإحسان إلى الناس ، وإلى كف الأذى عنهم ،قال صلى الله عليه وسلم : (( إنكم لن
تسعوا الناس بأموالكم فسعوه ا ببسط الوجه وحسن الخلق )) .
عنه صلى
الله عليه وسلم : (( خيركم أحسنكم أخلاقا ً)) .
وعنه صلى
الله عليه وسلم : (( أن رجلاً أتاه فقال : يا رسول الله ما أفضل الأعمال ؟ قال :((
حسن الخلق )) ، وهو على ما مر أن أن لا تغضب .
ويقال :
اشتكى نبي إلى ربه سوء خلق امرأته ، فأوحى الله إليه : قد جعلت ذلك حظك من الأذى .
وعن أبي
هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( أكمل المؤمنين
إيماناً أحسنهم أخلاقاً ، وخيارهم خيارهم لنسائهم )) .
وعنه صلى
الله عليه وسلم : (( إن الله اختار لكم الإسلام ديناً فأكرموه بحسن الخلق والسخاء
، فإنه لا يكمل إلا بها )) .
وقال جبريل
عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم حين نزل قوله تعالى : {خُذِ
الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف :
199] .
قال في تفسير ذلك : أن تعفو عمن ظلمك ،
وتصل من قطعك وتعطي من حرمك .
وقال الله
تعالى : {…. ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا
الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت:34] .
وقيل في
تفسير قوله تعالى : {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4] .
قال : كان
خلقه القرآن ، يأتمر بأمره وينزجر بزواجره ، ويرضى لرضاه ، ويسخط لسخطه صلى الله
عليه وسلم .
…..
…..
الحديث التاسع
عشر - إحفظ الله يحفظك …
عن أبي العباس عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف النبي
(صلى الله عليه وسلم) يوماً، فقال لي: يا غلام إني أعلّمك
كلمات: احفظ الله يحفظك، احفـظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت
فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لـم ينفعـوك إلا بشيء
قـد كتبـه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضرّوك بشيء لم يضرّوك إلا بشيء قد كتبه
الله عليك، رفعت الأقلام وجفّت الصحف. (رواه الترمذي وقال:
حسن صحيح) .
وفي رواية غير الترمذي: احفظ الله
تجده أمامك، تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، واعلم أن ما أخطأك لم يكن
ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب،
وأن مع العسر يسراً .
شرح وفوائد
الحديث
قوله صلى الله عليه وسلم : (( احفظ الله يحفظك )) أي احفظ أوامره
وامتثلها ، وانته عن نواهيه ، يحفظك في تقلباتكم ودنياك وآخرتك قال الله تعالى : {مَنْ عَمِلَ
صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً
طَيِّبَةً ….} [النحل:97]. وما يحصل للعبد من البلاء والمصائب
بسبب تضييع أوامر الله تعالى ، قال الله تعالى : {وَمَا
أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ….} [الشورى:30]
.
قوله صلى
الله عليه وسلم : (( تجده تجاهك )) أي أمامك ، قال صلى الله عليه وسلم : (( تعرف
إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة )) وقد نص الله تعالى في كتابه: أن العمل
الصالح ينفع في الشدة وينجي فاعله ، وأن عمل المصائب يؤدي بصاحبه إلى الشدة ، قال
الله تعالى حكاية عن يونس عليه الصلاة والسلام : {فَلَوْلَا
أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ
يُبْعَثُونَ (144)} [الصافات] .
ولما قال
فرعون : {…. آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِهَ إِلاَّ الَّذِي
آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ ….} [يونس :90] قـــــــال
المـــــلك: {آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ
الْمُفْسِدِينَ} [يونس :91] .
قوله صلى
الله عليه وسلم : (( إذا سألت فاسأل الله )) إشارة إلى أن العبد لا ينبغي له أن
يعلق سره بغير الله ، بل يتوكل عليه في سائر أموره ، ثم إن كانت الحاجة التي
يسألها لم تجر العادة بجريانها على أيدي خلقه : كطلب الهداية ، والعلم ، والفهم في
القرآن والسنة ،وشفاء المرض ، وحصول العافية من بلاء الدنيا وعذاب الآخرة ، سأل
ربه ذلك . وإن كانت الحاجة التي يسألها جرت العادة أن الله سبحانه وتعالى يجريها
على أيدي خلقه ، كالحاجات المتعلقة بأصحاب الحرف والصنائع وولاة الأمور ، سأل الله
تعالى أن يعطف عليه قلوبهم فيقول : اللهم حنن علينا قلوب عبادك وإمائك ، و ما أشبه
ذلك ، ولا يدعو الله تعالى باستغنائه عن الخلق لأنه صلى الله عليه وسلم سمع علياً
يقول : اللهم اغننا عن خلقك فقال : (( لا تقل هكذا فإن الخلق يحتاج بعضهم إلى بعض
، ولكن قل : اللهم اغننا عن شرار خلقك )) وأما سؤال الخلق والاعتماد عليهم فمذموم
، ويروى عن الله تعالى في الكتب المنزلة : أيقرع بالخواطر باب غيري وبابي مفتوح ؟
أم هل يؤمل للشدائد سواي وأنا الملك القادر ؟ لأكسونَّ من أمل غيري ثوب المذلة بين
الناس … الخ .
قوله: ((
واعلم أن الأمة )) الخ ، لما كان قد يطمع في بر من يحبه ويخاف شر من يحذره ، قطع
الله اليأس من نفع الخلق بقوله : {وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ
بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ
لِفَضْلِهِ ….} [يونس:107]. ولا ينافي هذا كله قوله تعالى حكاية
عن موسى عليه الصلاة والسلام : {فأخاف أن يقتلون } [الشعراء:14والقصص:33].
وقوله تعالى : {….إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ
أَن يَطْغَى} [طه:45]. وكذا قوله: { خذوا حذركم }
[النساء:71] إلى غير ذلك.
بل السلامة
بقدر الله ، والعطب بقدر الله ، والإنسان يفر من أسباب العطب إلى أسباب إلى أسباب
السلامة ، قال الله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى
التهلُكة } [البقرة:195] .
قوله صلى
الله عليه وسلم :((واعلم أن النصر مع الصبر )) قال صلى عليه وسلم :(( لا تتمنوا
لقاء العدو ، واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا ولا تفروا ، فإن الله
مع الصابرين )).. وكذلك الصبر على الأذى في موطن يعقبه النصر .
قوله صلى
الله عليه وسلم :(( وأنّ الفرج مع الكرب )) والكرب هو شدة البلاء ، فإذا اشتد
البلاء أعقبه الله تعالى الفرج كما قيل : اشتدي أزمة تنفرجي .
قوله صلى
الله عليه وسلم : (( وأن مع العسر يسراً )) قد جاء في حديث آخر أنه صلى الله عليه
وسلم قال :(( لن يغلب عسر يسرين )) وذلك أن الله تعالى ذكر العسر مرتين وذكر اليسر
مرتين ، لكن عند العرب أن المعرفة إذا أعيدت معرفة توحدت لأن اللام الثانية للعهد
، واذا أعيدت النكرة تعددت فالعسر ذكر مرتين معرفاً ، واليسر مرتين منكراً فكان ،
اثنين فلهذا قال صلى الله عليه وسلم :(( لن يغلب عسر يسرين )) .
…..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق