كلمات في نشأة رسول الله
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
…..
الحمد لله الذي
أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله . وصلى الله على سيدنا
محمد خاتم الأنبياء وعلى آله وصحبه وسلم ، سيد العالمين ، ورسول رب
العالمين ، بعثه الله رحمة للعالمين . أدى الرسالة وبلغ الأمانة ، أنقذ الله به
البشر من الضلالة ، وهدى الناس إلى الصراط المستقيم ؛ صراط الله الذي لا
إله إلا هو ، له ما في السماوات وما في الأرض ، وإليه تصير الأمور .
إجمالاً …
كان النبي
صلى الله عليه وسلم منذ نشأته يمتاز في قومه بأخلاق فاضلة ، وصفات كريمة .
فكان أفضل قومه مروءة ، وأحسنهم خلقاً ، وأعزهم جواراً ، وأعظمهم حلماً ،
وأصدقهم حديثاً ، سلس المعاملة ، وأعفهم نفساً وأكرمهم خيراً ، وأبرهم
عملاً ، وأوفاهم عهداً ، وآمنهم أمانة ، ولذا سماه قومه ’’الأمين‘‘ .
الرضاعة …
بعد مولد سيد
المرسلين صلى الله عليه وسلم ؛ أرضعته ’’ثويبة‘‘ مولاة ’’أبي لهب‘‘
بلبن ابن لها يقال له ’’مسرُوح‘‘ ، وكانت قد أرضعت في السابق ’’حمزة بن عبد
المطلب‘‘ .
ثم استرضع
له جده ’’عبد المطلب‘‘ ’’حليمة بنت أبي ذؤيب عبد الله بن الحارث‘‘ . ورأت ’’حليمة‘‘ من بركته
صلى الله عليه وسلم ؛ ما قصت منه العجب ..
فحدثت بأنها
خرجت من بلدها مع زوجها وابن صغير ترضعه في نسوة من ’’بني سعد بن بكر‘‘ تتلمس الرضعاء ، وذلك في
سنة مجدبة لا خضرة فيها ولا مطر ؛ خرجت على حمارة بيضاء هزيلة ، ومعها ناقة
مسنة ضرعها لا يكاد يقطر لبناً ، وما ينامون ليلتهم من بكاء صبيهم من
الجوع ؛ وليس في ثديها ما يغنيه . ولما بلغوا مكة ؛ فكل من كان معها من
النسوة أخذت رضيعاً عداها ، وكلهن رفضن أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم
ليتمه ؛ مما أخافهم من أنهم لن يجدوا المعروف من أمه أو جده . فقالت ؛
إنها لتكره أن ترجع دون رضيعاً ، فأخذت هذا اليتيم ؛ حيث لم يبقى لها
رضيع غيره ! . ولكنها تروي .. أنها بمجرد أن أخذته ؛ جرى اللبن في ثدييها وشرب
منها حتى ارتوى ، وشرب ابنها أيضاً حتى ارتوى ، وناما في هدوء . وأصبحت
الناقة أيضاً ممتلئة باللبن ، فحلب منها زوجها وشربا معاً حتى رُويا وشبعا
. فجلب رسول الله صلى الله عليه وسلم معه لمرضعته الخير الوفير .
شق
الصدر …
وقع حادث شق
الصدر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ في ’’بني سعد‘‘ في السنة الرابعة بعد
مولده ، حيث أتاه ’’جبريل‘‘ عليه السلام ؛ وهو يلعب مع الغلمان
، فأخذه فصرعه وشق عن قلبه ، فاستخرج القلب ، واستخرج منه علقة فقال
هذا حظ الشيطان منك ، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ، ثم لأَمه (ضم بعضه
إلى بعض) ثم أعاده مكانه . وجرى الغلمان إلى مرضعته وقالوا لها إن ’’محمداً‘‘ قد قتل . ولكنه
عاد إليهم وهو ممتقع اللون . وكان هذا سبباً لإعادته إلى أمه .
أمه
الحنون …
بعد أن عاد
إليها ابنها ، رأت أن تأخذه معها ؛ وفاء لذكرى زوجها الراحل ؛ لزيارة
قبره في يثرب في صحبة جده ’’عبد المطلب‘‘ وخادمتها ’’أم أيمن‘‘ ، ولكنها توفيت أثناء عودتها من
هذه الزيارة .
الجد
العطوف …
رق ’’عبد المطلب‘‘ لحفيده
اليتيم بعد وفاة أمه رقة لم يرقها على أحد من أولاده . وكان يقول لأعمامه :
دعوا ابني هذا ؛ فوالله إن له لشأناً . ثم يجلسه معه على فراشه ويمسح ظهره
بيده .
وتوفي
’’عبد المطلب‘‘ بمكة عندما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تخطى الثامنة من
عمره .
وضمه
عمه ’’أبو طالب‘‘ إلى ولده ؛ بل وقدمه عليهم . وظل معه فوق أربعين سنة يعز جانبه .
بحيرَى
الراهب …
إرتحل ’’أبو طالب‘‘ إلى الشام
للتجارة مصطحباً معه رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان قد بلغ الثانية عشر من
عمره . ولما بلغ ’’بُصرَى‘‘ وهي من أراضي الشام ؛ ’’وقَصَبَة لحُوران‘‘
كان في هذا البلد راهب عرف بـ ’’بحيرَى الراهب‘‘ لايخرج للقوافل ؛ ولكنه
خرج هذه المرة وتخللهم حتى جاء فأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقال : هذا سيد العالمين ، هذا رسول رب العالمين ، هذا يبعثه الله رحمة
للعالمين . فقالوا له : وما علـَّمك بذلك ؟ . فقال
: إنكم حيث أشرفتم من العقبة ؛ لم يبقى حجر ولا شجر إلا خر ساجداً ؛ ولا
يسجدان إلا لنبي ، وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل غضروف كتفه ، وإنا نجده في
كتبنا . وسأل ’’أبا طالب‘‘ أن يرده ولا يقدم به إلى الشام ؛ خوفاً عليه من
الروم واليهود .
حلف
الفضول …
قال عنه
رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ بعد أن أكرمه الله بالرسالة (لقد شهدت في دار
’’عبد الله بن جدعان‘‘ حلفاً ما أحب أن لي به حمر النعم ، ولو أدعى به في
الإسلام لأجبت) ، وقد قام هذا الحلف في دار ’’عبد الله بن جدعان اليتمى‘‘
حيث اجتمع به قبائل قريش : ’’بنو هاشم‘‘ ، و’’بنو المطلب‘‘ ، و’’أسد بن عبد العزى‘‘ ، و’’زهرة
بن كلاب‘‘ ، و’’تيم بن مرة‘‘ ، وتعاهدوا على ألا يجدوا بمكة مظلوماً من
أهلها ؛ وغيرهم ؛ إلا قاموا معه ، وكانوا على من ظلمه حتى ترد إليه مظلمته .
عمله …
كان في أول
شبابه يرعى الغنم . وفي الخامسة والعشرين من عمره خرج تاجراً إلى الشام
في مال ’’خديجة‘‘ رضي الله عنها ، حيث بلغها عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم ؛ مدى صدق حديثه ، وعظم أمانته , وكرم أخلاقه ، فعرضت عليه أن يخرج في
مال لها إلى الشام تاجراً .
زواجه
بخديجة …
بعدما رجع
رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ إلى مكة ، ورأت الأمانة والبركة في مالها ،
وما رأته من شمائل كريمة ، وفكر راجح ومنطق صادق ونهج أمين ، حدثت صديقتها
’’نفيسة بنت منبه‘‘ فذهبت إليه صلى الله عليه وسلم ؛ تفاتحه أن يتزوج
خديجة ، فرضي بذلك ، وكلم أعمامه فخطبوها إليه ، ثم تزوجها , وكانت في
الأربعين من عمرها . ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت .
بناء
الكعبة …
في سن
الخامسة والثلاثين سنة ، وقبل البعثة بخمس سنوات ؛ جرف مكة سيل شديد انحدر
إلى البيت الحرام فأوشكت الكعبة على الانهيار . مما اضطر قريش إلى تجديد
بنائها حرصاً على مكانتها . وبعد هدمها حتى وصلوا إلى قواعد ’’إبراهيم‘‘ ، وحينما هموا
بالبناء ، جزأوا الكعبة وخصصوا لكل قبيلة جزءاً منها لبنائه . ولما بلغ البنيان
موضع الحجر الأسود اختلفوا فيمن يمتاز بشرف وضعه في مكانه ، واستمر النزاع
أربع ليال أو خمساً ، وكاد يتحول إلى حرب، إلا أن ’’أبا أمية بن المغيرة
المخزومي‘‘ عرض عليهم أن يُحَكـًّموا بينهم أول داخل عليهم . وشاء الله أن
يكون ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فلما رأوه هتفوا : هذا الأمين ،
رضيناه ، هذا ’’محمد‘‘ . وأخبروه بخلافهم ، فطلب رداء ، فوضع الحجر وسطه ،
وطلب من رؤساء القبائل أن يمسكوا جميعاً بأطراف الرداء ، ويرفعوه ، حتى
وصلوا إلى موضعه ؛ أخذه بيده فوضعه مكانه . ورضي
القوم بهذا الحل .
…..
أضاءت
الكلمات بسيرته العطرة صلى الله عليه وسلم ؛ منذ نشأته وحتى قبل أن يكلفه الله
بالرسالة .
اللهم
إليك الأمر وعليك التدبير وبيدك الخير ، وإذا أردت شيئاً فإنما تقول له كن فيكون .
سبحانك يا ربنا .
بقلم محمود مرسي
…..
المعلومات من كتاب الرحيق المختوم
فضيلة الشيخ صفي الرحمن المباركفوري
ومن الأزهر الشريف
ومن
السيرة العطرة من العنوان:
http://d1d.net/1/buharoon/seeraa.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق