الاثنين، 28 أكتوبر 2024

الرحلة الأخيرة

 كتبهامحمود مرسي ، في 29 يونيو 2009 الساعة: 13:49 م

الرحلة الأخيرة

…..

كانت لا تستطيع الحركة إلا النذر اليسير بيديها ولا توجههما بشكل سليم وحسبما ترغب هي .. والله أعلم .

فكانت لا تستطيع الكلام إلا كلمة ’’آه‘‘ بمعانيها المختلفة حسب طول الكلمة وارتفاعها ونبرتها فتعبر بها عن الألم أو الموافقة أو الرضا ، ولم يحرمها الله عز وجل من استطاعة أن تقول ’’لأ‘‘ لترفض في بعض الإجابات على الأسئلة البسيطة التي نوجهها إليها .. كحاجتها للماء أو الطعام أو النوم

ولا تستوعب ذاكرتها أي شيء كما نتصور نحن .. والله أعلم .. ولكن الواضح أنها فصلت تماماً بين صورة أولادها وصورة من يقومون بخدمتها .. نحن أولادها .. كنا بالنسبة لها كغرباء موثوق بهم .. والله أعلم .

إنها أمي .. في الخامسة والثمانين من عمرها

كانت زوجتي .. بارك الله فيها .. تتعاون معي في حملها من سريرها لكرسيها المتحرك ، ثم أدفعه بها إلى الحمام لتقوم زوجتي بتحميتها وتغيير ملابسها وتدفع كرسيها خارج الحمام لنذهب بها إلى كرسي أسيوطي مريح نجلسها عليه ونحيطها بالوسائد كي تستند عليها ولا تقع ، فهي لا تستطيع صَلْبَ جذعها .

كانت بلا أسنان ، ورفضت استخدام طقم الأسنان أثناء وعيها وحركتها منذ سنوات .. فكنا نعتمد في إطعامها على فرم اللحوم ووضعها على الأرز والخضار المطهي المفروم وتكسير أقراص دوائها عليها .. وغالباً تقوم زوجتي بإطعامها وأحياناً أقوم أنا ، ونعرض عليها الماء والعصائر والفاكهة المخفوقة والزبادي والمهلبية وما شابه مما يسهل بلعه باستمرار .

وكان هذا ما يحدث أيضاً في بيت أخي الذي يصغرني ببضع السنوات والمتزوج من أخت زوجتي ، فكانت تبقى عنده في منطقة نادي الرماية بالهرم شهراً وعندي في مدينة حلوان شهراً على التوالي ، حتى أصيبت وهي عندي بالسعال ، فهرولت وأحضرت الطبيب الذي وصف العلاج وأبلغني أنه من المستحسن عمل إشاعة على صدرها . ولكن سنؤجلها لحين رؤية استجابتها للعلاج

ثم فقدت القدرة على البلع ، فهرولت إلى طبيب آخر فقال لا بد من تعليق المحاليل لها ، وتحتاج إلى تمريض مستمر ، فقلت له سنوفره لها بالمنزل .

وما كانت إلا ليلة واحدة وفي الفجر لاحظت أنها تتنفس بصعوبة وشبه غائبة عن الوعي .. فاتصلت بالإسعاف ، واتصلت بأخي الذي كان بالغردقة يغسل حر الصيف ، واتصلت بأختي وكانت تكبر أخي عاماً تقريباً وتقطن في مدينة 6 أكتوبر وقالت كن على اتصال بي حتى أصل إليك .

ونقلت إلى سيارة الإسعاف في السادسة صباحاً صحبها حفيدها .. إبني الأصغر طالب في السنة النهائية بإذن الله في كلية التجارة .. وأقود أنا سيارتي خلفهم مباشرة لنطوف بمستشفيات مدينة حلوان ..عاصمة محافظة حلوان التي اقتطعت من محافظة القاهرة .. ولم أجد لها مكاناً بإحدى هذه المستشفيات بالرعاية المركزة …..

ورأيت الطبيب الذي أتى يجري بمستشفى الإنتاج الحربي وتوجه إليها داخل سيارة الإسعاف يتفحصها رغم علمه بعدم وجود مكان لها بمستشفاه .. ويتأثر لحالها ويتفاعل إيجاباً معي ويرشدني إلى مستشفيات أخرى علي أجد لها مكاناً بها ……

ورأيت رجلي الإسعاف وتعاطفهما الشديد معي وتأكيدهما أنهما لن يتركاني إلا بعد الاطمئنان عليها في إحدى المستشفيات ……

كما رأيت مستشفى .. واأسفاه .. إنها تتبع إحدى الجمعيات الإسلامية الخيرية .. بها طبيبة شابة مناوبة تكاد ان تكون تخرجت بالأمس لصغر سنها البادي عليها .. قالت سنأخذها ويوجد مكان لها بالرعاية المركزة لدينا ، ونقلها رجال الإسعاف للسرير الذي أوصت به الطبيبة وانصرف رجال الإسعاف مشكورين . وبهو الرعاية المركزة بالدور الثالث ولا يوجد مصعد كهربي والبهو خال كما رأيت من المرضى سوى أمي .

واتصلت تلفونياً بأختى التي كانت تقطع الطريق هي وزوجها بسيارتهما لأخبرها عن مكاننا ، وأرسلت إبني بسيارتي ليحضر زوجتي (أمه) ومعها بعض المتطلبات . وجلست في الاستراحة كما قالوا لي ريثما يتفحصوها . وإذ بالطبيبة تأتي إلي لتقول ..’’إحنا مش ح نقدر ناخد الحاجَّة لأنها تحتاج لتنفس صناعي وليس لدينا جهاز فائض لها‘‘ .

وأي فرد في مكاني لابد أن يثور .. ’’كيف يكون التخبط في اتخاذ قرار قبولها من عدمه بالمستشفى .. وكيف بعد انصراف سيارة الإسعاف ونقل الخبر لأختي وطلب زوجتي للحضور وسيارتي ليست معي إنها مع إبني !!‘‘ . وبدلاً من أن تقدر حالتي وحالة المريضة ..تطلب مني أن أحدثها بطريقة أفضل !! علماً بأنني لم يصدر عني أي لفظ غير لائق لأني رجل تربوي في الأصل .

وأشكر كل من ساهم في اختراع ونشر التليفونات المحمولة فهي أساسية في مثل هذه المواقف . المهم أحضرت سيارة الإسعاف مرة أخرى ولحسن الحظ كانت نفس السيارة السابقة بنفس الأشخاص ، وقالت لي إدارة المستشفى إدفع لنا خمسون جنيهاً كشف طبيبة الرعاية . وبعد خروجنا من المستشفى هذه أبلغني رجل الإسعاف بأن المستشفى رفضت هذه الحالة لقولهم أن المريضة لا يبقى لها سوى ساعات وتفارق الدنيا ، ونصحني بإعادتها للمنزل لتقابل ربها بسلام والرأي يعود إليك . فقلت لهم بل سأفعل كل ما أستطيع حتى وإن صح قولهم فلتقابل ربها وهي هادئة في ظل رعاية تمنع عنها ضيق التنفس وتهدئ حالتها. فقالوا نحن معك أينما شئت . ولحقت بي أختي ولم نترك أي مستشفى بحلوان يليق بإيواء ’’أمي‘‘ إلا وبحثنا به عن مكان لها ، ولما لم نجد توجهنا لمنطقة ’’المعادي‘‘ وباء البحث بالفشل أيضاً .. ولكن في مستشفى النخيل بالمعادي وأثناء النقاش ورد إسم مستشفى الشيخ زايد التخصصي وقال موظف الاستقبال أنه لبعدها بجوار 6 أكتوبر على طريق الاسكندرية الصحراوي ممكن وجود أماكن بها ، واتصل بهم تليفونياً ، وخاطبت طبيب العناية المركزة بها فقال لي لا بد من فحصها ، فوصفت له الحالة وقلت إذا كان هناك أماكن سأسرع بها إليك لفحصها ، فقال توجد أماكن إن شاء الله .. فتوجهنا بسيارة الإسعاف إلى هناك على الفور.

وكانت الخدمة والاهتمام بها في غاية الروعة ، بمجرد دخولها طلب الطبيب الفحص .. فكانوا يجرون بها على تروللى الإسعاف لعمل الفحوصات والأشعات بأنواعها والتحاليل والقياسات ، صعوداً وهبوطاً بالمصاعد من معمل لآخر .. حتى استقرت علي سريرها بحجرة الرعاية المركزة المكتظة بالأجهزة الحديثة المتطورة ، وكان هذا في الساعة الحادية عشر صباحاً بعد رحلة بدأت من السادسة صباحاً ومعنا رجال الإسعاف لآخر الوقت . وأخيراً استقرت وقالوا لنا يمكنكم زيارتها الخامسة عصراً .

وكان أخي قد عاد من الغردقة والتقينا عندها في الخامسة عصراً لزيارتها .. كانت هادئة ، تتنفس بسهولة ، وجميع الأجهزة حولها تعمل على تنظيم وظائفها بفضل الله وكانت لا تزال في غيبوبة ، وقلت الحمد لله .

وفي صباح اليوم التالي في الساعة السابعة ؛ اتصل بي أخي ليبلغني أنه في اتصال هاتفي بالمستشفى للاستفسار عن حالتها ، قالوا له .. البقاء لله.

وكانت رغبتها أن تدفن في مدينة الاسماعيلية في مدافن عائلتها ، وتوجهنا بها في رحلتها الأخيرة إلى هناك ، وقام عدد غفير من أقاربها وغيرهم من المصلين بالصلاة عليها بعد صلاة العصر مباشرة في مسجد المطافي بالاسماعيلية ، وذهبت إلى مثواها الأخير في مدافن عائلتها . رحمها الله ، وجعل قبرها روضة من رياض الجنة ، وغفر لها ، وأسكنها الجنة ، فقد كانت ……

…..

بقلم محمود مرسي

الجمعة، 25 أكتوبر 2024

من هول سحركِ

 

من هول سحركِ

…..

والتقت عينانا ..

وبها وميض غريب ،

ولأول مرة تنتفض نبضات قلبي

وأحس بعينيَّ وكأنها طفل وجد أمه ،

وأنفاسي كمحموم كاد يهوي من قمة جبل .

ووجدتِني أسبح بعيداً عنكِ ..

إنما في عينيكِ ،

في رقتك ..

في جمالك ..

في أنغام صوتكِ ..

في دفء كتفك .

عينان .. .. أخذتني نظرتهما الرقيقة ،

ولم أذكر سوى رقتها .

وثغر جذب عيني وأنتِ تتكلمين .. ..

جذبتني رقصات شفتيكِ ونبرات كلماتكِ

وامتلأ قلبي بما هو أجمل من الجمال .. ..

وهو الإحساس بالجمال .

إنني لأول مرة ..

أشعر شعوراً لا أستطيع أن أصفه ؛

ليس لروعته فحسب ..

بل لأني لا أستطيع أن أفهمه .. ..

إعجاب شديد ..

وفتنة آسرة ..

وذكريات جميلة عن لحظات .. ولا يمكن جمعها !

فإنها كمشاهد من حلم جميل ؛

لا أدري كيف أصلها لتتألف منها القصة التي أبهرتني ،

إنها مجموعة من المشاعر ازدحم بها صدري ؛

توالدت في لحظات غاية في القِصَر التقت فيها عينانا ..

وكَفِّي يحتضن كتفك .

لم يمض على ذلك اللقاء سوى لحظات ..

غاية في القِصَر أيضاً ؛ لو تحسب بحسابنا المعتاد .. ..

ولكنها بحساب مشاعري .. .. أيام وليالي طوال ،

فكم أنا مشتاق للقاء آخر ..

أراكِ من جديد ؛ أيتها الحالمة .. ..

ولكن .. .. من هول سحركِ .. لا أذكر ملامحك !!

فقد التقت نظراتنا وأرواحنا ،

وانشغلت عيناي بمعايشة الجمال عن مشاهدة الجمال

فلا تشك في جمالك وفتنتك .

لن أعرفك إلا إذا تكرر موقف اللقاء ..

أو تشابهت الأحداث .

إنني أستحلفك بأعمق المشاعر بين جنباتك ..

أن تجدي طريقاً للقاء .

لا أذكر ملامحك ِ ..

لا أعرف من أنتِ سوى أنكِ آسرتي ،

ولا أعرف أين أنتِ إلا أنك في مخيلتي ،

ولا أعرف كيف يصلك سؤالي إلا أنه نجواي .

إنما أحيا على أمل اللقاء ..

سأعرفك من نظرتك ..

من نبراتكِ ..

من حركات شفتيكِ ..

من دفء كتفكِ ..

لابد سأعرفكِ !

…..

بقلم محمود مرسي

الخميس، 24 أكتوبر 2024

كلمات في نشأة رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

 

كلمات في نشأة رسول الله

سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

…..

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله . وصلى الله على سيدنا محمد خاتم الأنبياء وعلى آله وصحبه وسلم ، سيد العالمين ، ورسول رب العالمين ، بعثه الله رحمة للعالمين . أدى الرسالة وبلغ الأمانة ، أنقذ الله به البشر من الضلالة ، وهدى الناس إلى الصراط المستقيم ؛ صراط الله الذي لا إله إلا هو ، له ما في السماوات وما في الأرض ، وإليه تصير الأمور .

إجمالاً

كان النبي صلى الله عليه وسلم منذ نشأته يمتاز في قومه بأخلاق فاضلة ، وصفات كريمة . فكان أفضل قومه مروءة ، وأحسنهم خلقاً ، وأعزهم جواراً ، وأعظمهم حلماً ، وأصدقهم حديثاً ، سلس المعاملة ، وأعفهم نفساً وأكرمهم خيراً ، وأبرهم عملاً ، وأوفاهم عهداً ، وآمنهم أمانة ، ولذا سماه قومه ’’الأمين‘‘ .

الرضاعة

بعد مولد سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ؛ أرضعته ’’ثويبة‘‘ مولاة ’’أبي لهب‘‘ بلبن ابن لها يقال له ’’مسرُوح‘‘ ، وكانت قد أرضعت في السابق ’’حمزة بن عبد المطلب‘‘ .

ثم استرضع له جده ’’عبد المطلب‘‘ ’’حليمة بنت أبي ذؤيب عبد الله بن الحارث‘‘ . ورأت ’’حليمة‘‘ من بركته صلى الله عليه وسلم ؛ ما قصت منه العجب ..

فحدثت بأنها خرجت من بلدها مع زوجها وابن صغير ترضعه في نسوة من ’’بني سعد بن بكر‘‘ تتلمس الرضعاء ، وذلك في سنة مجدبة لا خضرة فيها ولا مطر ؛ خرجت على حمارة بيضاء هزيلة ، ومعها ناقة مسنة ضرعها لا يكاد يقطر لبناً ، وما ينامون ليلتهم من بكاء صبيهم من الجوع ؛ وليس في ثديها ما يغنيه . ولما بلغوا مكة ؛ فكل من كان معها من النسوة أخذت رضيعاً عداها ، وكلهن رفضن أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتمه ؛ مما أخافهم من أنهم لن يجدوا المعروف من أمه أو جده . فقالت ؛ إنها لتكره أن ترجع دون رضيعاً ، فأخذت هذا اليتيم ؛ حيث لم يبقى لها رضيع غيره ! . ولكنها تروي .. أنها بمجرد أن أخذته ؛ جرى اللبن في ثدييها وشرب منها حتى ارتوى ، وشرب ابنها أيضاً حتى ارتوى ، وناما في هدوء . وأصبحت الناقة أيضاً ممتلئة باللبن ، فحلب منها زوجها وشربا معاً حتى رُويا وشبعا . فجلب رسول الله صلى الله عليه وسلم معه لمرضعته الخير الوفير .

شق الصدر

وقع حادث شق الصدر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ في ’’بني سعد‘‘ في السنة الرابعة بعد مولده ، حيث أتاه ’’جبريل‘‘ عليه السلام ؛ وهو يلعب مع الغلمان ، فأخذه فصرعه وشق عن قلبه ، فاستخرج القلب ، واستخرج منه علقة فقال هذا حظ الشيطان منك ، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ، ثم لأَمه (ضم بعضه إلى بعض) ثم أعاده مكانه . وجرى الغلمان إلى مرضعته وقالوا لها إن ’’محمداً‘‘ قد قتل . ولكنه عاد إليهم وهو ممتقع اللون . وكان هذا سبباً لإعادته إلى أمه .

أمه الحنون

بعد أن عاد إليها ابنها ، رأت أن تأخذه معها ؛ وفاء لذكرى زوجها الراحل ؛ لزيارة قبره في يثرب في صحبة جده ’’عبد المطلب‘‘ وخادمتها ’’أم أيمن‘‘ ، ولكنها توفيت أثناء عودتها من هذه الزيارة .

الجد العطوف

رق ’’عبد المطلب‘‘ لحفيده اليتيم بعد وفاة أمه رقة لم يرقها على أحد من أولاده . وكان يقول لأعمامه : دعوا ابني هذا ؛ فوالله إن له لشأناً . ثم يجلسه معه على فراشه ويمسح ظهره بيده .

وتوفي ’’عبد المطلب‘‘ بمكة عندما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تخطى الثامنة من عمره .

وضمه عمه ’’أبو طالب‘‘ إلى ولده ؛ بل وقدمه عليهم . وظل معه فوق أربعين سنة يعز جانبه .

بحيرَى الراهب

إرتحل ’’أبو طالب‘‘ إلى الشام للتجارة مصطحباً معه رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان قد بلغ الثانية عشر من عمره . ولما بلغ ’’بُصرَى‘‘ وهي من أراضي الشام ؛ ’’وقَصَبَة لحُوران‘‘ كان في هذا البلد راهب عرف بـ ’’بحيرَى الراهب‘‘ لايخرج للقوافل ؛ ولكنه خرج هذه المرة وتخللهم حتى جاء فأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : هذا سيد العالمين ، هذا رسول رب العالمين ، هذا يبعثه الله رحمة للعالمين . فقالوا له : وما علـَّمك بذلك ؟ . فقال : إنكم حيث أشرفتم من العقبة ؛ لم يبقى حجر ولا شجر إلا خر ساجداً ؛ ولا يسجدان إلا لنبي ، وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل غضروف كتفه ، وإنا نجده في كتبنا . وسأل ’’أبا طالب‘‘ أن يرده ولا يقدم به إلى الشام ؛ خوفاً عليه من الروم واليهود .

حلف الفضول

قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ بعد أن أكرمه الله بالرسالة (لقد شهدت في دار ’’عبد الله بن جدعان‘‘ حلفاً ما أحب أن لي به حمر النعم ، ولو أدعى به في الإسلام لأجبت) ، وقد قام هذا الحلف في دار ’’عبد الله بن جدعان اليتمى‘‘ حيث اجتمع به قبائل قريش : ’’بنو هاشم‘‘ ، و’’بنو المطلب‘‘ ، و’’أسد بن عبد العزى‘‘ ، و’’زهرة بن كلاب‘‘ ، و’’تيم بن مرة‘‘ ، وتعاهدوا على ألا يجدوا بمكة مظلوماً من أهلها ؛ وغيرهم ؛ إلا قاموا معه ، وكانوا على من ظلمه حتى ترد إليه مظلمته .

عمله

كان في أول شبابه يرعى الغنم . وفي الخامسة والعشرين من عمره خرج تاجراً إلى الشام في مال ’’خديجة‘‘ رضي الله عنها ، حيث بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ مدى صدق حديثه ، وعظم أمانته , وكرم أخلاقه ، فعرضت عليه أن يخرج في مال لها إلى الشام تاجراً .

زواجه بخديجة

بعدما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ إلى مكة ، ورأت الأمانة والبركة في مالها ، وما رأته من شمائل كريمة ، وفكر راجح ومنطق صادق ونهج أمين ، حدثت صديقتها ’’نفيسة بنت منبه‘‘ فذهبت إليه صلى الله عليه وسلم ؛ تفاتحه أن يتزوج خديجة ، فرضي بذلك ، وكلم أعمامه فخطبوها إليه ، ثم تزوجها , وكانت في الأربعين من عمرها . ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت .

بناء الكعبة

في سن الخامسة والثلاثين سنة ، وقبل البعثة بخمس سنوات ؛ جرف مكة سيل شديد انحدر إلى البيت الحرام فأوشكت الكعبة على الانهيار . مما اضطر قريش إلى تجديد بنائها حرصاً على مكانتها . وبعد هدمها حتى وصلوا إلى قواعد ’’إبراهيم‘‘ ، وحينما هموا بالبناء ، جزأوا الكعبة وخصصوا لكل قبيلة جزءاً منها لبنائه . ولما بلغ البنيان موضع الحجر الأسود اختلفوا فيمن يمتاز بشرف وضعه في مكانه ، واستمر النزاع أربع ليال أو خمساً ، وكاد يتحول إلى حرب، إلا أن ’’أبا أمية بن المغيرة المخزومي‘‘ عرض عليهم أن يُحَكـًّموا بينهم أول داخل عليهم . وشاء الله أن يكون ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فلما رأوه هتفوا : هذا الأمين ، رضيناه ، هذا ’’محمد‘‘ . وأخبروه بخلافهم ، فطلب رداء ، فوضع الحجر وسطه ، وطلب من رؤساء القبائل أن يمسكوا جميعاً بأطراف الرداء ، ويرفعوه ، حتى وصلوا إلى موضعه ؛ أخذه بيده فوضعه مكانه . ورضي القوم بهذا الحل .

…..

أضاءت الكلمات بسيرته العطرة صلى الله عليه وسلم ؛ منذ نشأته وحتى قبل أن يكلفه الله بالرسالة .

اللهم إليك الأمر وعليك التدبير وبيدك الخير ، وإذا أردت شيئاً فإنما تقول له كن فيكون . سبحانك يا ربنا .

 

بقلم محمود مرسي

…..

المعلومات من كتاب الرحيق المختوم

فضيلة الشيخ صفي الرحمن المباركفوري

ومن الأزهر الشريف

ومن السيرة العطرة من العنوان:

http://d1d.net/1/buharoon/seeraa.html